المشاركات

عن المؤلف

عن المؤلف يوهانا شبيري: ١٢ يونيو ١٨٢٧م–٧ يوليو ١٩٠١م كاتبة سويسرية لقصص الأطفال، ومن أشهر الكاتبات في القرن التاسع عشر. نُشرت أول أعمالها الأدبية في عام ١٨٧١م، وهي قصة بعنوان «ورقة على قبر فروني»، وفي عام ١٨٨٠م نشرت قصتها الشهيرة «هايدي»، التي كتبتها في أربعة أسابيع. من مؤلفاتها: «من الجبال السويسرية»، و«من كل حدب وصوب»، و«بلا مأوى».

الفصل الأول

الفصل الأول صُعُودُ الْجَبَلِ «وَاصِلِي السَّيْرَ يَا هايدي!» قَرَعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ أُذُنَيِ الطِّفْلَةِ ذَاتِ الْخَمْسِ سَنَوَاتٍ الْمُبَالِغَةِ فِي مَلْبَسِهَا، فأَوْمَأَتِ إِلَى خَالَتِهَا وَأَسْرَعَتْ مِنْ سَيْرِهَا. كَانَتِ الْأَثْوَابُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تَرْتَدِيهَا — أَحَدَهَا فَوْقَ الْآخَرِ — وَالشَّالُ الصُّوفِيُّ الثَّقِيلُ الْمُلْتَفُّ حَوْلَهَا قَدْ تَسَبَّبَتْ فِي أَنْ تَسِيرَ سَيْرًا بَطِيئًا فِي ذَلِك الْيَوْمِ الْحَارِّ مِنْ شَهْرِ يُونْيُو. سَأَلَتْهَا الْخَالَةُ ديتا: «هَلْ أَنْتِ مُتْعَبَةٌ؟» رَدَّتِ الطِّفْلَةُ: «لَا، لَكِنَّنِي أَشْعُرُ بِالْحَرِّ.» قَالَتِ الْمَرْأَةُ فِي صَوْتٍ مُبْتَهِجٍ: «سَنَصِلُ إِلَى الْقِمَّةِ عَمَّا قَرِيبٍ. يَجِبُ أَنْ تُوَاصِلِي الْجِدَّ فِي السَّيْرِ لِمَسَافَةٍ أَطْوَلَ قَلِيلًا وَأَنْ تَخْطِي خُطُوَاتٍ وَاسِعَةً قَوِيَّةً. سَنَصِلُ هُنَاكَ فِي غُضُونِ سَاعَةٍ مِنَ الْآنَ.» بَدَا أَنَّ سَاعَاتٍ مَضَتْ مُنْذُ أَنْ غَادَرَتَا دورفلي وَبَدَأَتَا فِي الصُّعُودِ عَبْرَ مَمَرِّ الْمُشَاةِ. لَكِنْ فِي الْحَقِيقَةِ، لَمْ يَكُنْ مَضَ

الفصل الثاني

الفصل الثاني مُقَابَلَةُ الْجَدِّ كَانَتْ هايدي مُسْتَمْتِعَةً بِمُرَاقَبَةِ الْمَعْزِ وَالْوَلَدِ الَّذِي يَقُودُهَا. كَافَحَتْ حَتَّى تُجَارِيَهُ بَيْنَمَا يَقْفِزُ هُوَ مِنْ صَخْرَةٍ إِلَى أُخْرَى. كَانَتْ طَبَقَاتُ الْمَلَابِسِ الَّتِي تَرْتَدِيهَا تَمْنَعُهَا مِنْ الِاقْتِرَابِ بِمَا يَكْفِي حَتَّى تَتَحَدَّثَ إِلَيْهِ. فَجْأَةً جَلَسَتْ هايدي عَلَى الْأَرْضِ. وَبَدَأَتْ فِي خَلْعِ حِذَائِهَا وَجَوَارِبِهَا بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُ لِأَصَابِعِهَا الصَّغِيرَةِ أَنْ تَتَحَرَّكَ. عِنْدَمَا فَرَغَتْ مِنْ ذَلِكَ، خَلَعَتِ الشَّالَ الْأَحْمَرَ الْمَلْفُوفَ حَوْلَهَا وَأَلْقَتْهُ، ثُمَّ خَلَعَتْ مِعْطَفَهَا أَيْضًا. كَانَ يُوجَدُ مِعْطَفٌ آخَرُ لِتَخْلَعَهُ. كَانَتْ خَالَتُهَا قَدْ وَضَعَتْ مِعْطَفَ يَوْمِ الْأَحَدِ فَوْقَ مِعْطَفِهَا الْيَوْمِيِّ حَتَّى تُجَنِّبَهَا حَمْلَهُ. بِسُرْعَةِ الْبَرْقِ، كَانَتْ قَدْ خَلَعَتْ هَذَا أَيْضًا. وَقَفَتْ هايدي. كَانَتِ الْآنَ تَرْتَدِي قَمِيصَهَا التَّحْتِيَّ الَّذِي بَدَأَتْ بِهِ هَذَا الصَّبَاحَ. جَمَعَتْ كُلَّ مَلَابِسِهَا مَعًا فِي كَوْمَةٍ صَغِ

الفصل الثالث

الفصل الثالث فِي الْبَيْتِ مَعَ الْجَدِّ بِمُجَرَّدِ أَنِ اخْتَفَتْ ديتا، عَادَ الرَّجُلُ الْعَجُوزُ إِلَى مَقْعَدِهِ. حَدَّقَ فِي الْأَرْضِ دُونَ أَنْ يُصْدِرَ أَيَّ صَوْتٍ. كَانَتْ هايدي فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ تَسْتَمْتِعُ بِالنَّظَرِ حَوْلَ مَنْزِلِهَا الْجَدِيدِ. اسْتَكْشَفَتْ حَتَّى وَجَدَتْ حَظِيرَةً مَبْنِيَّةً فِي مُقَابِلِ الْكُوخِ. كَانَ هَذَا هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي تُحْفَظُ فِيهِ الْمَعْزُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ فَارِغًا. اسْتَمَرَّتْ هايدي فِي بَحْثِهَا وَوَصَلَتْ إِلَى أَشْجَارِ الصَّنَوْبَرِ خَلْفَ الْكُوخِ. اسْتَمَعَتْ إِلَى الرِّيَاحِ تُصَفِّرُ عَبْرَ الْفُرُوعِ ثُمَّ اتَّجَهَتْ عَائِدَةً إِلَى جَدِّهَا. وَقَفَتْ هايدي أَمَامَ الرَّجُلِ الْعَجُوزِ وَلَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا سِوَى أَنْ أَخَذَتْ تُحَدِّقُ فِيهِ. رَفَعَ الرَّجُلُ الْعَجُوزُ رَأْسَهُ بِبُطْءٍ. سَأَلَهَا: «مَاذَا تُرِيدِينَ؟» قَالَتْ هايدي: «أُرِيدُ أَنْ أَرَى الْمَنْزِلَ مِنَ الدَّاخِلِ.» قَالَ جَدُّهَا: «هَلُمِّي إِذَنْ!» وَنَهَضَ وَمَشَى بِاتِّجَاهِ الْكُوخِ. قَالَ لَهَا: «أَحْضِرِي صُرَّةَ مَلَابِسِكِ إِلَى ا

الفصل الرابع

الفصل الرابع فِي الْخَارِجِ مَعَ الْمَعْزِ اسْتَيْقَظَتْ هايدي فِي الْيَوْمِ التَّالِي بِابْتِسَامَةٍ عَلَى وَجْهِهَا. كَانَتْ تَشْعُرُ بِسَعَادَةٍ بَالِغَةٍ فِي بَيْتِهَا الْجَدِيدِ. تَذَكَّرَتْ كُلَّ الْأَشْيَاءِ الَّتِي رَأَتْهَا فِي الْيَوْمِ السَّابِقِ وَكَانَتْ مُتَحَمِّسَةً جِدًّا لِرُؤْيَتِهَا الْيَوْمَ مُجَدَّدًا. قَفَزَتْ مِنَ الْفِرَاشِ بِسُرْعَةٍ وَرَكَضَتْ إِلَى الْخَارِجِ بِسَعَادَةٍ لِسَمَاعِهَا صَوْتَ بيتر. بَيْنَمَا اغْتَسَلَتْ هايدي وَهَنْدَمَتْ نَفْسَهَا، جَهَّزَ لَهَا الْجَدُّ وَجْبَةً طَيِّبَةً. وَفِي خِلَالِ دَقَائِقَ كَانَتْ فِي الْخَارِجِ فِي حِضْنِ الْجَبَلِ مَعَ الْمَعْزِ. قَالَ بيتر لِهايدي بِصَوْتٍ عَالٍ: «تَعَالَيْ هُنَا. لَقَدْ أَعْطَانِي جَدُّكِ أَوَامِرَ بِمُرَاقَبَتِكِ!» أَطَاعَتْ هايدي مَا قَالَهُ الصَّبِيُّ وَتَبِعَتْهُ حَتَّى أَبْطَأَ السَّيْرَ لِيُرِيحَ الْمَعْزَ. تَفَقَّدَ بيتر قَطِيعَهُ ثُمَّ نَامَ عَلَى الْأَرْضِ الدَّافِئَةِ. وَجَلَسَتْ هايدي بِجَانِبِهِ. فَجْأَةً سَمِعَتْ صَرْخَةً مُدَوِّيَةً تَتَعَالَى مِنْ فَوْقِهَا. رَفَعَتْ هايدي عَيْنَيْهَ

الفصل الخامس

الفصل الخامس زِيَارَةُ الْجَدَّةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَانَتْ هايدي تَقْضِي وَقْتَهَا مَعَ بيتر. ذَهَبَا عَالِيًا إِلَى الْمُرُوجِ وَبَيْنَ الصُّخُورِ وَالْأَزْهَارِ. وَعِنْدَمَا أَصْبَحَ الْجَوُّ بَارِدًا فِي النِّهَايَةِ، وَطَلَبَ الْجَدُّ مِنْ هايدي أَنْ تَبْقَى بِالْمَنْزِلِ، شَعَرَ بيتر بِنَفْسِ التَّعَاسَةِ الَّتِي شَعَرَتْ بِهَا الْفَتَاةُ الصَّغِيرَةُ. فَلَمْ يَفْتَقِدِ الطَّعَامَ الْإِضَافِيَّ أَثْنَاءَ الْغَدَاءِ فَحَسْبُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ لَدَيْهِ دَائِمًا مُشْكِلَاتٌ أَكْثَرُ مَعَ الْمَعْزِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ. فَقَدْ بَدَا أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ تَتَصَرَّفُ عَلَى نَحْوٍ أَفْضَلَ فِي وُجُودِ هايدي اللَّطِيفَةِ لِإِرْشَادِهَا. عِنْدَمَا أَصْبَحَ الْجَوُّ بَارِدًا جِدًّا، لَمْ يَعُدْ بيتر يَأْخُذُ الْمَعْزَ لِلْخَارِجِ. كَانَ ذَلِكَ هُوَ وَقْتُ ذَهَابِهِ إِلَى الْمَدْرَسَةِ. أَحَبَّتْ هايدي أَنْ تَسْأَلَهُ أَسْئِلَةً عَنْ دِرَاسَتِهِ، وَلَكِنَّ بيتر لَمْ يَكُنْ مُولَعًا بِإِجَابَةِ الْفَتَاةِ. فَقَدْ أَحَبَّ عَمَلَهُ كَرَاعٍ لِلْمَعْزِ أَكْثَرَ بِكَثِيرٍ مِنْ حُبِّهِ لِل

الفصل السادس

الفصل السادس زَائِرَانِ إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ قَدْ مَرَّ سَرِيعًا، فَإِنَّ الصَّيْفَ قَدْ مَرَّ أَسْرَعَ. وَالْآنَ شِتَاءٌ آخَرُ كَانَ فِي طَرِيقِهِ لِلِانْقِضَاءِ. وَلَا تَزَالُ هايدي سَعِيدَةً كَمَا كَانَتْ يَوْمَ وُصُولِهَا. هِيَ الْآنَ فِي الثَّامِنَةِ مِنْ عُمْرِهَا. تَعَلَّمَتِ الْكَثِيرَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُفِيدَةِ مِنْ جَدِّهَا، فَأَصْبَحَتْ تَعْرِفُ كَيْفَ تَعْتَنِي بِالْمَعْزِ جَيِّدًا مِثْلُهَا مِثْلُ أَيِّ شَخْصٍ، وَلَكِنَّ الْأَطْفَالَ فِي سِنِّهَا مِنَ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يَكُونُوا فِي الْمَدْرَسَةِ. كَانَ نَاظِرُ الْمَدْرَسَةِ مِنْ بَلْدَةِ دورفلي قَدْ كَتَبَ بِالْفِعْلِ لِجَدِّهَا عَنْ هَذَا الْأَمْرِ مَرَّتَيْنِ. وَأَرْسَلَ الْعَجُوزُ رَدًّا فِي كُلِّ مَرَّةٍ يُفِيدُ بِأَنَّهُ لَنْ يُلْحِقَ هايدي بِالْمَدْرَسَةِ. وَفِي النِّهَايَةِ صَعِدَ الْقَسُّ الْجَبَلَ لِيَتَحَدَّثَ مَعَ الْجَدِّ عَنِ اخْتِيَارِهِ. قَالَ الْقَسُّ: «كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الطِّفْلَةُ فِي الْمَدْرَسَةِ مُنْذُ عَامٍ مَضَى. إِنَّهَا لَيْسَتْ شَاةً وَلَا عُصْفُورَةً، إِنَّهَا طِفْلَةٌ. لَقَدْ